ما حقيقة الثروات النفطية في تونس؟

كثر الحديث في الفترة الاخيرة عن الفساد في مجال الطاقة وعن امتلاك تونس لثروات نفطية هامة دون إعلانها ودلل الكثيرون على ذلك بوجود تونس وسط دولتين منتجتين للنفط وبالتالي فلا مبرر لفقدان هذه المادة على أراضينا.

وتردد أيضا تكبّد الدولة كلفة الانتاج وتقاسمها مع الشركات البترولية الاجنبية للارباح.

نسبت جريدة ( الشروق) الى مصدر في وزارة الطاقة قوله ان الوضع الطاقي في تونس شهد بداية التدحرج منذ سنة 96 رغم دخول حقل مسكار طور الانتاج لكن دون تغطية التقلص وما زاد الامر انحدارا عدم العثور على اكتشافات هامة يمكنها تغطية التقلّص الطبيعي لانتاج الحقلين الهامين البرمة وعشتروت الى جانب النتائج المخيبة للآمال للآبار التي تم حفرها على القطعة المشتركة الليبية التونسية في الجرف القاري (4 آبار سلبية) واعلان العجز الطاقي ابتداء من سنة 2000، ومغادرة أهم الشركات الكبرى العاملة بالبلاد التونسية.

تقلّص الموارد :

ويتمثل الوضع الطاقي الحالي حسب آخر احصائيات سنة 2013 في تقلّص الموارد الوطنية من المحروقات بـ  واستقرار الغاز الطبيعي وانخفاض كميات الغاز من الاتاوة الجزائرية بنسبة 40٪ وزيادة طلب الطاقة الاولية بـ 2٪، كل هذه العوامل أدّت الى تفاقم العجز في ميزان الطاقة ليبلغ 2.5 مليون طن مكافئ نفط وهو ما يفوق العجز الذي تم تسجيله خلال سنة 2012 علما أن حقل البرمة يوفّر وحده نحو 50٪ من انتاج تونس من المحروقات.

ويقدّر الاحتياطي الطاقي الى موفّى 2013 بنحو 419 مليون طن مكافئ نفط 42٪ منه بحقل البرمة ومازال لدينا احتياطي يناهز 440 مليون برميل دون اعتبار الاكتشافات الجديدة. ويبلغ حجم الاحتياطي الذي تم استخراجه (استهلاك وتصدير) 285 مليون طن مكافئ نفط والمتبقي 134 مليون طن مكافئ نفط يتوزع على 46٪ نفط و54٪ غاز.

بحث واستكشاف : 

تمّ خلال سنة 2013 اسناد رخصتي بحث ليصبح عدد الرخص السارية المفعول 45 رخصة و52 امتياز استغلال تتمتع بها 60 شركة بترولية تونسية وأجنبية وكذلك المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية وقد تمّ في السنة نفسها حفر 24 بئرا (13 استكشافية و11 تطويرية) مقابل 25 بئرا في 2012 علما أنه ليست كل الاكتشافات مجدية اقتصاديا وذات مردودية ليتم تطويرها.

حلول:

بالتوازي مع استخراج الاحتياطات المكتشفة من المحروقات التقليدية والعمل على تجديد ولو جزء من الاحتياطات المستخرجة من المهم التفكير في انتاج المحروقات غير التقليدية (على غرار غاز الشيست) وذلك بتقييم امكانيات البلاد وتوفير إطار تشريعي محدّد آخذ بالاعتبار عناصر السلامة والمحيط وتكوين التخصّصات وهيئات مراقبة وضرورة الحفاظ على خيار الطاقة المتجددة بصفة متواصلة وإعادة هيكلة المؤسستين الرئيسيتين المكلفتين بالاستكشاف والانتاج وهي الادارة العامة للطاقة والمؤسسة الوطنية وذلك لمزيد الشفافية في إدارة الموارد الوطنية.

الدولة لا تتدخل سوى في المرابيح :

لا يمكن منح أيّ رخصة بحث عن البترول الا بالاشتراك مع المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية وتكون المشاركة حسب أحد العقدين الأول هو عقد شراكة اذ تمنح رخصة البحث للمؤسسة التونسية بالاشتراك مع المستثمر الأجنبي او التونسي. وقد نصّ الفصل 92 من مجلة المحروقات على أن الشريك الأجنبي هو من يتحمل مصاريف الاستكشاف والبحث.

وتتمتع المؤسسة الوطنية بحق الاختيار في المشاركة في اي اكتشاف يتم استغلاله وتسدّد حصتها من المصاريف السابقة.

أما العقد الثاني فيتمثل في اقتسام الانتاج ويعني ذلك ان الشريك الأجنبي يقوم بتمويل الاشغال وفي صورة اكتشاف يتم اقتسام الانتاج بين المؤسسة والشريك الأجنبي بعد ان يسترجع مصاريف الانتاج وهي باهظة وهذه المعطيات تؤكد ان الجانب الذي يمثل الدولة التونسية وهو المؤسسة الوطنية لا تتكبد عموما كلفة البحث والانتاج بل تدخل في الربح بعد تغطية الشركات لنفقاتهم.

                                                                                                                                                                                                                  الشروق 26/2/2014